يُغتَفَرُ في غير الحروب ما لا يُغتَفَرُ في الحروب!!

في غير حالة الحروب نسكت عن كثير من الحماقات والانحرافات؛ لأسباب كثيرة:

  1. انتفاخ الجهال المتعالمين تأثيره محدود في غير الحرب؛ لأنك تعلم أن لهم سقف لا يتجاوزونه. أما في حالة الحرب فهؤلاء يرفعون سقفهم كثيراً ويوزعون شرفيات ووطنيات وجهاديات ومثاليات تتجاوز حدود الصين وأمريكا وتصل لعقر أوروبا…
  2. يوجد نظام عام تستطيع التكيف معه في غير الحرب، فتمرر مشروعك -ولو بصعوبة- بين وفوق مستنقعات الجهل الشائعة. أما في الحرب فصوت الجهل أوضح، وجعجعة الأوباش أعلى صوتاً، ومجال مزاوداتهم واستشرافهم عليك أوسع؛ فالنتيجة الحتمية لتعدد الفراعنة أن يخرسوا صوتك ليرتاحوا من عذابات الضمير.
  3. في غير الحرب توجد قوانين ونقابات تمنع وصول الجهل رغم كل الفساد المتفشي. أما في الحرب فالجهال هم أصحاب القرار، وأصحاب الكلمة الأخيرة، مهما ادعوا عجزهم عن فهم تعقيدات المرحلة!!
  4. الأصوات وإبداء الآراء قليل في غير الحرب، فيبقى العمل أكثر من الهرطقات مهما كَثُر عدد الفلاسفة في البلاد؛ لأنه لا توجد قضايا ذات ضجة إعلامية تستدعي من هؤلاء أن يُتحفونا بعبقرياتهم. أما في الحرب فستجد منظرين وفلاسفة على امتداد رقعة العالم، ويهرفون بما لا يعرفونه من الوقائع وما لا يفهمونه من العلوم!!
  5. في غير الحرب لا يتصدر أحد لما لا يطيقه من الوظائف؛ لأنه سيكون مُلزَماً من الدولة بتنفيذ ما ألزم نفسه به، وإلا خسر كل وظائفه، ومنها مصدر رزقه في وظيفته الأساس. أما في الحروب فالوظائف ببلاش، والعلاك ليس فيه خسائر، والخطب هي ميدان البطولة التي لا خسارة فيه، فتجد الواحد منهم يحمل عشرات الوظائف، ولا ينجح في شيءٍ منها أبداً…
  6. في غير الحرب يكثر الأتباع ويقل القادة، ويخشى الناس من التبعات الجنائية للتصدر للمناصب. أما في الحروب فكلهم قوادون، ويندر أن تجد مواطناً واحداً من بينهم!!!

هذا ما تذكرته من مصيبتنا، وما غاب عني أعظم وأفظع…
والله المستعان على ما تصفون…

اكتب رداً